بعد كل هذه السنوات نتساءل!
توقفت كثيراً وانا اقرأ الخطاب الذي ألقاه السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس الوزراء بمناسبة إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان ورفع علم الاستقلال بالقصر الجمهوري في صبيحة الأول من يناير 1956 (1/1/1956) :
الخطاب كان مختصراً لا تبلغ الكلماته عدد كلمات كاتب أي عمود في صحيفة يومية من صحف هذه الايام التي صار فيها العمود عبارة عن مقال!
بدأ السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس الوزراء اللهم ياذا الجلال يا مالك الملك يا واهب العزة والاستقلال نحمدك ونشكرك ونستهديك ونطلب عفوك وغفرانك ونسال رشدك ان انت الموفق المعين
وبعد ذلك عبر عن سعادته بقوله: ليس اسعد في تاريخ السودان وشعبه من اليوم الذي تتم فيه حريته ويستكمل فيه استقلاله و تتهيأ له جميع مقومات الدولة ذات السيادة ففي هذه اللحظة الساعة التاسعة تماماً من اليوم الموافق أول يناير 1956م، 18 جمادى الثاني سنة 1275هـ نعلن مولد جمهورية السودان الأولى الديمقراطية المستقلة ويرتفع علمها المثلث الألوان ليخفق على رقعته وليكون رمزاً لسيادته وعزته.
لقد كان يتحدث عن ذلك العلم بألوانه الثلاثة والذي تم تغييره في زمن المرحوم جعفر نميري بالعلم الحالي.
الزعيم الازهري، وهكذا ظل الجميع يصفه، واصل خطابه: إذاً انتهى بهذا اليوم واجبنا في كفاحنا التحريري فقد بدأ واجبنا في حماية الاستقلال وصيانة الحرية وبناء نهضتنا الشاملة التي تستهدف خير الأمة ورفعة شأنها ولا سبيل إلى ذلك الا بنسيان الماضي وطرح المخاوف وعدم الثقة وأن نُقبل على هذا الواجب الجسيم أخوة متعاونين وبنياناً مرصوصاً يشد بعضه بعضاً ، وأن نواجه المستقبل كأبناء أمة واحده متماسكة قوية.
ومضى ذلك اليوم ورحل الازهري والجيل الذي حضر رفع العلم ولم نواجه المستقبل كأبناء أمة واحده متماسكة قوية كما ذكر الزعيم اسماعيل الازهري في خطابه... ومضت الايام ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال ونضيف الى كلمة الاستقلال المجيد... ومن حسن الطالع او حسن الصدف ان توافق احتفالاتنا اول العام وكان يجب ان نحاسب انفسنا بعد مضي كل عام ونتساءل ماذا فعلنا؟ وماذا يجب ان نفعل؟ ولأننا لا نفعل ذلك فقد اضعنا الوقت وبدلاً عن التقدم تخلفنا.
وختم الازهري خطابه: إن شعبنا قد صمم على نيل الاستقلال فناله وهو مصمم على صيانته وسيصونه، ومادامت إرادة الشعب هي دستورنا فستمضي في طريق العزة والمجد والله هادينا وراعينا ومؤيدنا وناصرنا وإن ينصركم الله فلا غالب لكم والسلام.
بعد كل هذه الاعوام اين نحن الان؟ ولماذا تخلفنا؟ ولماذا وصل بنا الامر ان صار البعض يردد عبارة(يا حليل الانجليزي)؟
لقد دارت الايام وتعاقبت الحكومات ولم نستفد من التجارب... لم نكتشف حتى الان اين الخطأ؟ هل هو في نظام الحكم؟ هل في السياسات؟ هل في الهوية؟ وتدور عشرات الاسئلة وتظل الاجابة اننا بعد كل هذه السنوات نتساءل ونكرر نفس الاخطاء.
والله من وراء القصد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق