د. عبداللطيف محمد سعيد
أقل ما نهب لهذا السودان...
احترت كثيراً وأنا أعود لكتابة العمود اليومي بعد ان توقفت لفترة قاربت الأربعة أشهر عن الكتابة الراتبة بالرغم من أنني كتبت في موقعي الخاص او ما يعرف بالمدونة وعبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي بالشبكة العنكبوتية إلا ان هذه الكتابة تختلف عن كتابة العمود اليومي التي تحتاج إلى إيجاد الفكرة ومناقشتها والتوصل إلى نتيجة أو نتائج عبر طرح تساؤلات كثيرة او انتقادات محددة.
كتابة العمود اليومي تتيح لك التواصل مع شخصيات معينة تتواصل معك يومياً عبر الهاتف معلقة ومنتقدة ومختلفة معك أو متفقة وربما معجبة ومقرظة... احترت من أين ابدأ التواصل مع كل هؤلاء بعد طول غياب! فعندما نعتاد على أمر من الامور يخفف الاعتياد من حدة التوتر والقلق ويجعل الأمر، احياناً، نوعاً من المزاج أو الإدمان ولكن التوقف والانقطاع يصعب الأمر وتبدو العودة كمن يحاول المشي لأول مرة او محاولة النظر من مشكاة تزدحم حولها العيون أو النفاذ من معبر ضيق لا يسع لكل المارة وأنت تحسب انك الوحيد الذي له حق المرور والعبور فالمساحة لك وعليك سكب الأفكار والمشاعر والخلجات ودقات القلب بل وعكس أراء الآخرين كأنك تتحدث نيابة عنهم او كأنهم فوضوك لتحمل أمانة الكلمة عنهم فيجب عليك ان تؤدي الرسالة بأمانة الكلمة ومسؤولية المواطن ديدنك في ذلك التجرد من الأحاسيس الذاتية والأنا أو بعبارة اخرى عدم (شخصنة) الامور فما تكتبه ليس مجرد خواطر او مشاعر لإرضاء الذات او الحبيبة وانما بدافع الوطنية والضمير والأخلاق والدين وأمانة الكلمة.
عدت للكتابة بعد طول توقف ورغم الأشواق ومشاعر الحب والود التي أحفظها للقارئ العزيز وللصحيفة التي افتخر بالانتماء اليها إلا انني اشعر بالحيرة وابحث عن ما اكتب فمن الصعب ان تبدأ أول يوم وفي أول لقاء بعد طول غياب بالنقد الهادف او غير الهادف... وان تتناول قضايا الجماهير وأنت قد ابتعدت عنهم فترة فتعود بجدية وبصوت عال فهل سيقبل القارئ ذلك! أم انه يحتاج لمقدمة اقلها تحية ود واحترام ثم بعد ذلك العودة الى تناول الامور بالنقد والسخرية والهجوم والتوجيه والإرشاد.
عفواً أيها القارئ العزيز لقد عدنا مع مطلع عام جديد فدعونا نبدأ بعبارات رقيقة وبكلمات ندية عطرة وتعابير التهاني والود وبعدها ننطلق وقد تصالحنا مع الحروف ومهدنا لمشوار طويل سيمتد إذا كان في العمر بقية مع دعواتنا للجميع بعام سعيد ووعد بالتواصل اليومي ونفتح هذه المساحة للجميع مثلما الوطن للجميع ونتمنى ان نجعل امن الوطن وحبه مبلغ حلمنا وكل همنا ومن اجله نكتب وله نضحي بالغالي والرخيص واقل ما نهب لهذا السودان هو الحروف الصادقة المسؤولة ونسأل الله التوفيق والسداد وغداً نعود للتواصل عبر هذه المساحة المتواضعة.
والله من وراء القصد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق